كلمة رئيس التحرير

الأولوية للدستور

      الدستور أداة ضبط للنظام السياسي وتحديد مساره من خلال قواعد صارمة ملزمة متعلقة بالانتظام العام تهدف إلى غاية وحيدة هي تحقيق رفعة الدولة وتأمين مصالح الشعب، ذلك أن نصوصه لا تصاغ في غرفٍ مقفلة بل تحاكي تطلعات الشعب وقواه العاملة فتكون كلّ فقرةٍ من فقراته عبارة عن استجابة لمطلبٍ أو حلٍ لمعضلة أو تفادٍ لأزمة أو تحقيقاً لغاية.

      ولهذا عندما تُقرأ مواد الدستور يجب أن يتمّ ذلك من خلال أسبابها الموجبة والغاية التي استدعت إقرارها ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال استقراء الواقع السياسي الباعث عليها ومواءمة هذا الباعث مع الواقع السياسي القائم، وهذا ما يؤمن بالدرجة الأولى سمو الدستور ويلغي الجدل القائم حتى تعدد التفسيرات للنص الدستوري مع ما يترتب على هذه التعددية في الآراء من تشويهٍ للدستور وحرفه عن مقاصده الكبرى عدا عن استسهال مخالفته ما يؤدي إلى تحوّل النص الدستوري من قاعدة ملزمة إلى قاعدة أدبية في عقل المعنيين بتطبيقه فلا يقيمون اعتباراً له ولا يعطوه الأولوية في تسيير شؤون الدولة والمجتمع.
...............